المزيد من الصفقات (المضروبة)
(الصفقة) التي تريد «الحركة الشعبيَّة» أن تبرمها مع «المؤتمر الوطني»، بمباركة وتخطيط (أمريكي)، أهمُّ بنودها: طرد حركات دارفور من «جوبا» وحوافز بتروليَّة واستمرار العمل بخط أنابيب الشمال إلى بورتسودان لمدَّة «خمسة عشر عاماً»، مقابل إصدار مرسوم جمهوري يقضي بضمِّ «أبيي» إلى الجنوب وقيام الاستفتاء في موعده والتسليم بفصل الجنوب.. وبقاء الجنوبيين في الشمال وتمتُّعهم بجميع حقوق المواطنة، مع (السكوت) عن حكاية (الجنسيَّة المزدوجة)
ولهذا استدعت «الحركة الشعبيَّة» أمس (السجمان) عبد الواحد محمد نور، وقطعت عليه نزهته الطويلة في باريس لينضم إلى رهط (السجمانين) في جوبا.. «مناوي».. و«أبو القاسم».. و«عبد الشافع».. وممثِّلين للعدل والمساواة..
الحركة بعد أن استغفلت «المؤتمر الوطني» وباغتته في عمليَّة التسجيل وجعلته يجأر بالشكوى إلى مفوضيَّة «محمد ابراهيم خليل»، وقبلها استغلَّت (أحزاب الشمال) عدَّة مرات، منذ أيَّام «التجمُّع الوطني» - رحمه الله - وانتهاءً بمسرحيَّة (قوى تحالف جوبا)، إلى أن لفظتها.. ورمت بها كما يرمي أحدكم منديل الورق بعد أن يمسح به وجهه المتعرِّق.. ذات «الحركة» تستغل قيادات «السجم والرماد» في حركات دارفور، لتدَّعي أنَّها تسيطر عليهم تماماً.. لتستخدمهم (كرتاً) في مواجهة «المؤتمر الوطني» على طاولة الصفقة الأمريكيَّة..!!
أمَّا «المؤتمر الوطني» فإنَّه - الآن - بكل سلطاته وثروته.. وصولجانه.. جيوبه خالية.. بيضاء من أي (كرت) يستطيع أن (يلاعب) به الحركة الشعبيَّة..!!
(المؤتمر الوطني) وديعٌ.. وداعة الأطفال هذه الأيَّام..!! بلا أظافر.. بلا أنياب..!! حاله يغني عن سؤاله..! أمَّا أحزاب الشمال الكبرى والصغرى.. فإنها (أضعف) من أن ينتظر الشعب السوداني منها حلاً.. أو بديلاً.
سلَّم «المؤتمر الوطني» بالانفصال.. واستسلم.. وصار يحدِّثنا.. ويحدِّث دويلات «إيقاد».. ويطمئنها بأنَّ الشمال والجنوب لن يعودا للحرب.. وأنَّهما سيحرصان على بناء علاقات إستراتيجيَّة بعد الانفصال..!! تلك العلاقات التي عجز (الشريكان) عن بنائها لخمس سنوات وهما على طاولة واحدة في مجلس الوزراء بشارع الجامعة بالخرطوم، سيبنيها (الشريكان) بعد أن يصبح السودان دولتيْن..!!
نحن لا نقرع طبول الحرب.. يا أيُّها (السُذَّج) في مجتمعات الصحافة.. والسياسة، ولكنَّنا أكثر واقعيةً وعمقاً سياسيَّاً منكم.. فالسطحيَّة وتبسيط القضايا واستهوان الأزمات.. والتقليل من شأن الأخطار، هو الذي جعل «الخرطوم» تصحو في الأول من أغسطس فيفاجأ أهلها بشلالات الدماء على شوارعها، في ما عُرف بأحداث (الاثنين الأسود)، وما تلاه من ردَّة فعل (شماليَّة) عنيفة في اليوم التالي (الثلاثاء)..!! هل نحن الذين حرَّضنا الجنوبيين على حمل السلاح الأبيض يوم ذاك الاثنين..!! على الصعيد الشخصي، كنت أتوقَّع تلك الأحداث منذ لحظة تأكيد خبر مقتل العقيد «جون قرنق دي مبيور»، وأذكر أنَّني نبَّهتُ أحد الأصدقاء من ضبَّاط جهاز الأمن والمخابرات إلى توقُّعاتي قُبيْل منتصف ليل الأحد.. لكن آخرين في السلطة كانوا أكثر (عقلانيَّة) و(تفاؤلاً) منَّا.. فلم (يتخيَّلوا) أن ما حدث يمكن أن يحدث..!!
ونحنُ لم نحرِّض حركة «العدل والمساواة» على اقتحام «أم درمان» الطاهرة العزيزة.. في (نهار) العاشر من مايو عام 2008م، بل فُوجئنا كما فُوجئت الحكومة..!!
ونحن لم نحرِّض الجنوبيين المقيمين في الخرطوم وولايات الشمال الأخرى على عدم التسجيل، بل حرَّضناهم على ممارسة حقوقهم الدستوريَّة لتأكيد وحدة السودان، لكنَّنا فُوجئنا، تماماً كما فوجئت الحكومة، بحالة (العصيان الجنوبي) على التسجيل..!!
إنَّ الشعب السوداني الكريم لا يحتمل المزيد من المفاجآت.. والصفقات (المضروبة).. والتفاهمات (الغبيَّة) .
اللهم عليك بأعداء هذا البلد - في الداخل والخارج - فإنهم لا يعجزونك.. إنك على كل شيء قدير.
منقول عن الاستاذ/ الهندي عزالدين