abdulla abdulrahman مشرف منتدى الصحة والحياة
عدد المساهمات : 239 تاريخ التسجيل : 23/05/2010 العمر : 68
| موضوع: السعادة في سماء الفقراء: السبت نوفمبر 06, 2010 4:50 pm | |
| عند هذه النتيجة غير المتوقعة بادئ ذي بدء قام الفريق الباحث عن السعادة ويمَّم وجهه نحو البسطاء والفقراء، علَّه يجد السعادة عندهم، تلك الطبقة الكادحة في المجتمع التي تسعى وراء لقمة العيش، لترد شبح الموت والجوع أن يفترس أفرادها.
وعند السؤال ظهر السخط والتذمر وعدم الرضى هو الجواب، وفُتح الباب ليُسفر عن منظر رهيب من الكآبة والقنوط واليأس وفقدان الأمل، فكل فقير يندب حظه التعيس أن قضى عمره في القلَّة والحرمان، وينشد أناشيد يحلم فيها أن يكون له كما للأغنياء (أهل السعادة بظنه وخياله) من مال وفير، وغنى كبير، وقصور تناطح السحاب، فنراه يكدّ ويسعى لبلوغ أمجاد كبرى، ولكن دون جدوى، يخال في مسيره نحو أحلامه أنه سوف يصل للسعادة إذا كان لديه ما للأغنياء من رفاهية وبحبوحة في الحياة، فالجوع قد عضَّه بنابه، والحاجة مزَّقت رداءه، والفقر قرض بنانه، فليس للسعادة من سبيل لدخول بيته أو حتى أن تطير فوق سمائه.
هذا لأن طبقة الأغنياء قد أفسدت معيشته، فبيته الذي كان في عينه جميلاً، قد أصبح كوخاً حقيراً أمام القصر المنيف الذي شيد إلى جانبه، فالإنسان يظل راضياً بمعيشته في مجتمع متوازن، أما إن حصل التفاوت، عندئذ ينظر إلى ما كان يستحسنه بالأمس ويرتضيه، نظرة ازدراء واحتقار، ويحل بساحته الضجر والسخط والتبرم من الحياة.
فلقد أفسد المترفون على السواد من أفراد المجتمع حياتهم، إذ ليس بوسع الناس جميعاً أن تبني قصوراً، وتقتني أثاثاً فاخراً فخماً.
لهذا نرى الفقراء وقد أكل الحقد نفوسهم، وسيطر عليهم حب الانتقام، ولا عجب أن يتكتلوا ضد الأغنياء، ليُسْقِطوا فوق رؤوسهم فؤوساً، ويسقونهم كأساً علقماً، كما هم يتجرعونه...
هذا نتيجة الظلم والاستغلال الذي يمارس عليهم بظنهم من قبل الأغنياء، من أجل لقمة العيش وستر للحال، فذاقوا بسببها الذل والهوان، إنها حقيقة تطوف البلاد، وتمر بها العامة من الناس، إنها فقدان السعادة من كلتا الطبقتين على السواء، واستبدالها بالأحقاد والسخط والتبرُّم والضغائن وعدم الرضى، جراء التفاوت الطبقي بين الفقراء والأغنياء.
فالعمال الكادحون تراهم يخططون لإحداث انقلاب أو ثورة على أرباب العمل والانتقام منهم، لأن أولادهم في، يشقون.
وكذلك الفلاحون يثورون ضد الإقطاعي المستبد، إلا أن الأخير يضع كعب رجله على أفواه الألوف من ذوي الحقوق، فيقهرها ويخرسها عن المطالبة بحقوقها المسلوبة بنظرهم.
فالمترفون يزدادون غنى وتسلطاً واستغلالاً، والمحرومون يزدادون فقراً وعبودية وحقداً وإذلالاً.
أمام هذه الصراعات والأضداد، وقف الفريق الباحث عن السعادة خلف جدار منيع تلفُّه الحيرة وتحيط به إحاطة السوار بالمعصم، فعبثاً صرفت اللجان العلمية العليا الباحثة عن السعادة الجهد في البحث والتنقيب، وهباءً ضاعت المساعي، فلم يعثروا على أثرٍ للسعادة لدى الأغنياء المترفين، ولا عند الفقراء البسطاء.
| |
|